مريض الكبد والصيام ج1
يقوم الكبد في جسم الإنسان بأكثر من 90 وظيفة حيوية، ولهذا فقد اكتسب أهميته الخاصة لاتصاله وتحكمه في العديد من أعضاء الجسم، وفي شهر رمضان يكون الكبد في حاجة ماسة للراحة، لكن تبقى مشكلة كيف يصوم مرضى الكبد، ومن منهم يرخص له بالإفطار؟
قبل كل شيء لا بد أن نشير إلى أن هناك عملية إعجازية ربانية يقوم بها الكبد، والتي تكمن في تخليص الجسم من كافة سمومه وتراكمها داخل جسم الإنسان، وعند بداية الشهر الكريم يبدأ الكبد في تخزين كمية السكر التي يحتاج إليها على هيئة مواد نشوية "جليكوجين"، ثم يبدأ العمل بعد ذلك في تحويل هذه المادة النشوية إلى مواد سكرية مرة أخرى في كميات محددة حسب طلب الجسم، وذلك بهدف إبقاء مستوى السكر بالدم وفق المعدلات الطبيعية المتزنة. وبعد ذلك يبدأ في استخدام مصادر أخرى من الطاقة، كي يستخدم هذا المخزون الداخلي، ولا يحتاج إلى مواد أخرى خارج الجسم.
لكن في حالة صيام رمضان يعمل الكبد على حرق الدهون من مواقع تكدسها بالجسم، ثم استخدامها كمصدر للطاقة داخل الجسم. لذا فقد أشارت الدراسات الحديثة أن الصيام يعمل على التخلص من دهون الجسم عامة ودهون الكبد خاصة بشكل تدريجي وطبيعي تماما، دون الحاجة إلى أية أدوية تخسيس أو حرق للدهون والتي قد يكون لها آثار جانبية سلبية.
ومن المعروف أن نواتج التمثيل الغذائي داخل الكبد يتم تجميعها بواسطة أوعية ليمفاوية خاصة منتشرة داخل الكبد، ووظيفتها الوحيدة هي التخلص من النفايات الضارة الخارجة من الخلايا الكبدية، وهذا يتأتى أكثر فاعلية في فترة الصيام.
أيضا فمن المعروف أن الكبد يصل إليه كل نواتج الهضم والامتصاص من الجهاز الهضمي، فلو أرحنا الكبد من هذا العناء اليومي ولو قليلا فإن ذلك يعود بالنفع عليه وعلى كفاءته الوظيفية، وهنا يأتي دور الصيام لتخليص الكبد من عناء تلك السموم اليومية.
وقد يتصور البعض أن مريض الكبد لا يمكنه الصيام، نظرا لاحتياجه إلى العلاج والسكريات والأملاح المعدنية والفيتامينات. لكن هنا يأتي الطب برأي يخالف التوقعات تماما، فغالبية مرضى الكبد يمكنهم الصيام دون وجود أية مشاكل صحية، لكن بالطبع هناك شريحة يكون الصيام بالنسبة لها محفوف المخاطر، فمرضى الهبوط الحاد بالكبد يكون الصيام بالنسبة لهم ممنوع تماما.
وبالعكس توجد فئات معينة من مرضى الكبد يكون الصيام مفيد لهم جدا، مثل مرضى التشحم الكبدي، حيث تكون فرصة للكبد كي يتخلص من كميات الدهون التي علقت به، أما مريض الكبد المصاب بالتليف ومضاعفاته من دوالي واستسقاء، أو مريض الكبد الوبائي الحاد فيجب عليه الإفطار، لأنه يكون في احتياج شديد إلى مواد غذائية باستمرار.