إلتصاقات ما بعد الولادة: أسباب ونتائج وعلاج
شهدت مجالات الطب تطورات هائلة على مدار العقود والسنين، ولعل من أكثر هذه التطورات تأثيرا إستحداث تقنية الولادة القيصرية في النصف الثاني من القرن العشرين، والولادة القيصرية بكل بساطة هي عبارة عن شق طولي ثم تطور لاحقا ليصبح عرضي في جدار البطن من أسفل، والذي يمتد ليشمل طبقات الجلد، الدهن، العضلات، ثم جدار الرحم على الترتيب.
وقد أتت تلك التقنية لتزيح ثقل وعبء كبير على أطباء النساء والتوليد، حيث قللت كثيرا من معدلات وفيات المواليد والأمهات على حد سواء، وتعتبر العملية القيصرية حتمية طبية في بعض الحالات لعل أشهرها: زيادة أو نقص السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، وجود طلق مبكر دون اتساع عنق الرحم، مرور أكثر من 40 أسبوع دون الشعور بآلام الولادة والمخاض، أو في حالة الطفل الخديج والتي يقصد بها إنعكاس وضع الطفل داخل الرحم لتصبح مؤخرته بالأسفل في حين أن الرأس هي ما يوجد بالأعلى. وعموما فقد تطورت تقنية الولادة القيصرية في الآونة الأخيرة لتصبح أكثر سهولة وراحة لدرجة أن أغلب السيدات يفضلنها حتى إن كان خيار الولادة الطبيعية مسموحا لهم.
وعلى الرغم من ذلك تظل الولادة القيصرية شأنها شأن أي عملية جراحية ذات مضاعفات محتملة، وتعد إلتصاقات الأنسجة أحد أهم وأخطر هذه المضاعفات وأكثرها شيوعاً. وتنشأ هذه الإلتصاقات عادة نتيجة لافتقار الطبيب الجراح المهارات الجراحية اللازمة لإغلاق طبقات البطن بكفاءة ودقة تامة، أيضا عدم تناول المضادات الحيوية بعد الجراحة قد يؤدي إلى تلوث الجرح، مما يؤدي إلى عدم إغلاقها بصورة صحيحة وبالتالي حدوث مثل هذه الإلتصاقات.
أيضا فمن الشائع جدا وجود هذه الإلتصاقات في حالة الولادة القيصرية المتكررة ( أكثر من 3 مرات) أو في حالة الخضوع للجراحة القيصرية أكثر من مرة خلال وقت وجيز لايتجاوز العامين.
وتؤدي هذه الإلتصاقات إلى شعور متقطع بآلام بالبطن في منطقة الحوض والعانة، أيضا قد تشكو مثل هذه الحالات من وجود نزيف مؤقت، أو إختلالات بالدورة الشهرية. لكن أخطر ما يمكن أن تحدثه هذه الحالات وجود حالة من العقم الثانوي، ويقصد به عدم القدرة على الإنجاب بالرغم من وجود سابق حمل وإنجاب لأطفال آخرين.
ويتم تشخيص الإلتصاقات بواسطة أشعة الموجات الصوتية "السونار". وتعتمد إستراتيجية العلاج على مكان وكمية هذه الإلتصاقات بناء على وجهة نظر الطبيب المعالج، ففي الحالات الطفيفة والمتوسطة، يتم العلاج بإستخدام عقار الميثوتريكسات بهدف إذابة هذه الإلتصاقات، أما إذا لم يعطي العلاج الدوائي أي نتيجة إيجابية أو في الحالات الأكثر تعقيدا يكون الخيار الجراحي هو الحل الأوحد لفك هذه الإلتصاقات.
وختاماً، في حالة اللجوء إلى الخيار الجراحي، يمنع منعا باتا الحمل قبل مرور عام على الأقل من تاريخ إجراء الجراحة، سعياً لأفضل النتائج الممكنة.