لماذا يكره الأطفال المدرسة؟
يؤكد علماء النفس أن التجارب التي يعيشها الطفل في طفولته تضع الأساس لتوجهاته العاطفية والفكرية فيما بعد، فإذا كانت إيجابية وسعيدة يكون شاباً سليماً يشعر بالود والحب نحو كل الظروف، ولكن لو كانت تلك التجارب سلبية ستنعكس لاحقاً على نفسيته وطريقة تعاطيه مع حياته.
ولعل أهم التجارب التي يمر بها الطفل إلى جانب تعلمه المشي والكلام والأكل وغيرها، هي تجربة الذهاب إلى الروضة، والانفصال عن أمه عدة ساعات في اليوم، فهذه التجربة قد تجعله يحب المدرسة والدراسة فيما بعد، أو يكره كل ما يمت للتعليم بصلة، وبالتالي يصبح طالباً كارهاً للمدرسة. وهنا سندرج بعض الحقائق النفسية في هذا الخصوص:
• إن خوف الطفل من المدرسة في بداية العام الدراسي شيء طبيعي، ويجب أن يتعاطف معه الوالدان بشكل كامل وأن يبتعدا عن الجمل والكلمات السيئة مثل "أنت جبان"، "أنت رجل ولا يفترض أن تبكي" فهو كطفل صغير لا يفهم ما يقول ولا حول ولاقوة له، وضعفه بهذه المرحلة شيء طبيعي جدا وما علينا إلا مسايرته.
• في مرحلة الروضة يتم إعداده لدخول المدرسة رسمياً، فحاولا أيها الوالدان أن تكون تجارب أطفالكم إيجابية فقط، حتى ينقلوا تلك التجربة معهم إلى المدرسة.
• يجب أن ندرك وننقل ذلك للمعلمين والمعلمات والأخصائين، أن كثرة الواجبات والانفعالات تنفر الأطفال الصغار من الدراسة، فاجعلوها فترة لعب ومرح مع القليل من التعلم.
والسؤال المطروح والأهم لماذا يكره الأطفال المدرسة؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن نعرف أن علماء النفس قسموا أسباب كره الأطفال للمدرسة بثلاث محاور نفسية وأسرية ومدرسية، وهنا سنحاول إدراج أغلبها:
- اكتساب الطالب خبرات سيئة ناتجة عن المعاملة غير الجيدة من قبل بعض المدرسين، ما يجعل الطفل يعمم مشاعره، وبالتالي تنمو في داخله الكراهية نحو المدرسة.
- خوف الطالب في طفولته من فقدان حب الوالدين والرعاية التي اعتاد عليها، فذهابه إلى المدرسة يحرمه من هذا العطف.
- المشاكل المستمرة في المنزل، تخلق لدى الطفل حالة من عدم الاستقرار النفسي والعاطفي، الأمر الذي يتسبب في عدم انتباهه وتركيزه في دراسته.
- يمكن أن تسبب ولادة طفل جديد في الأسرة حالة من القلق، فيلجأ إلى اختلاق أساليب معينة للفت الانتباه مثل التحجج بالمرض لعدم الذهاب إلى المدرسة وكسب عطف والديه.
- إذا كان كلا الوالدين أو أحدهما من النوع المتسلط والذي يستخدم العقاب البدني مع الطفل، فإن الطفل بدوره يضمر الكراهية إزاء الأب أو الأم، ولكنه يخشى إظهار هذه الكراهية خوفاً للعقاب، وعندما يذهب إلى المدرسة فإنه يكره المدرس كبديل للأب، حيث أن المدرس هو الذي يمارس السلطة في الفصل الدراسي، وهو ما يسمى في علم النفس بـ (الإبدال).
- تعرض الطفل للسخرية من أقرانه في المدرسة نتيجة لمشكلة جسدية أو بسبب بيئته المتدنية سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، وقد يخاف هذا الطفل أحيانا من التلاميذ الآخرين نتيجة قسوة معاملتهم له، ما يشعره بأنه غير مرغوب فيه، ما يؤدي إلى كره كل موقف يجمعه معهم، وبالتالي يكره المدرسة.
- تذمر الوالدين أمام الطفل بشكل مستمر من متطلبات الدراسة، وربط هذه المشاكل بالتكاليف المادية والعبء الذي تشكله، الأمر الذي يشعر الطفل بالقلق وبالتالي يكره المدرسة خوفاً من المتطلبات.
- بعض الأسر تعتبر مستوى التحصيل الدراسي هو الحكم على سلوك الطفل ومعاملته، ما يجبر الطفل على محاولة تحسين وضعه الأكاديمي وبالتالي يكره الطفل المدرسة من كثر الضغوطات والأعباء الموكلة إليه، ويزيد الأمر سوءاً تعرضه لموقف فشل.
- فقدان أحد الوالدين أو غيابه بصورة متكررة لفترات زمنية طويلة عن المنزل، ما يجعل الطفل يعيش حالة قلق وعدم استقرار انفعالي، الأمر الذي يؤدي إلى عدم تلبية الأسرة لاحتياجاته المدرسية، وهذا يشعره بالدونية مما يخلق كرهه للمدرسة.
- عدم حب الطالب للمدرسة، بسبب سوء معاملة المدرس له، وتعرضه لمواقف غير محببة من قبل المدرس لم يعتد عليها في الأسرة، واستخدام المعلم لأسلوب التهديد والعقاب، ما يجعل الطالب يخاف وينفر من المادة الدراسية.
- عدم مراعاة بعض المدرسين لبعض الحالات الخاصة من الطلاب الذين يعانون مشكلات نفسية أو صحية أو اقتصادية، وعدم استخدام المدرسين الوسائل التعليمية والأساليب التدريسية الحديثة والمناسبة التي تراعي سن الطالب وما ينتج عنه من عدم استيعاب الطفل لبعض المواد وبالتالي يشعر بالحرج والخوف والكره للمدرسة.