أثر المدارس على تفكير الطفل
يعيش الأطفال مرحلة انتقالية عند دخولهم للمدرسة، حيث يبني الطفل في حياته السابقة في البيت الكثير من التصورات والمعارف التي يجهلها الكبار حوله، فتجد أن المعلم يبدأ بشرح الدروس وإضافة معرفة جديدة للطفل دون الانتباه أنه يمتلك معارف سابقة وخاطئة للأسف.
فعلى سبيل المثال كما قال الكاتب هاورد قارندر في إحدى مقالاته:
اسأل الطفل لماذا تشتد الحرارة في الصيف؟
سيجيب: لأن الشمس أقرب للأرض في فصل الصيف!
وربما يصل الطفل إلى عمر العشرين ولم يغير هذا المعتقد، والسبب أن معلم صفه في المدرسة لم يعرف مكنونات الطفل السابقة ولم يحاول معالجتها وتصحيحها، مما سيجعل عملية التعلم أصعب على الطفل حيث يحاول أن يربط المعلومة الجديدة بمعرفته السابقة والخاطئة بنفس الوقت فيتكون عنده علم ضعيف وغير دقيق.
ولا بد من ذكر موضوع السخرية من الطفل أيضًا والذي يؤثر سلبًا على تفكيره وتطوير هذا التفكير، والذي يبدأ من سؤال يطرحه الطفل يكون مضحك بالنسبة للكبير ولكنه بالنسبة للطفل واقعي ومناسب لمرحلته العمرية، هنا يبدأ هدم الفكر لدى الطفل والمعتمد تمامًا على طرح الأسئلة لذا يحتاج المعلم بشكل خاص والمدرسة بشكل عام إلى التعرف على خصائص الطفل العمرية وترك المجال للطفل كي يطرح الأسئلة التي تخطر في باله لتخطي هذه المهمة الصعبة في تصحيح وتطوير تفكير الطفل وإعداد المناهج وفق ذلك.
ولتسهيل هذه المهمة أقترح بدوري كمربيّة أن نطرح عنوان معين أمام مجموعة من الأطفال مثلًا: (الشمس) نعرض صورتها وبعض المعلومات ونترك المجال للطفل ليطرح جميع الأسئلة حول ما يدور في ذهنه، من هنا نقوم بتدوينها ووضعها بقائمة المنهاج ليتم تصحيحها بالدروس الأساسية ومن عدة جوانب، عمليًا وعلميًا، وعن طريق الرحلات المدرسية مثلًا.
مع العلم أيضًا أن معظم هذه الأفكار والخبرات التي يمتلكها الطفل تزداد في سن الخامسة حيث تجاوز مرحلة اكتمال الحواس لديه، وتفرّغ لصنع المفاهيم العقلية، والخبرات المسليّة له فكريًا.
كما ويلاحظ الآباء تغير مستوى ذكاء الطفل بعد دخول المدرسة أو قدرته على الاستيعاب، والسبب الرئيسي أنه لم يجد من يحترم هذا الميول غالبًا فهو الآن أصبح المتلقي وليس الباحث كما كان في مرحلة الطفولة حيث لا قيود أمام المرحلة التعليمية فمعظم المدارس أو المناهج تكون مقيّدة جدًا بالوقت وعدد الصفحات والمواضيع ولا يتم ترك فرصة مفتوحة ليتوسع المعلم مع طلبته ويترك المجال لرغبات الطالب.
يبحث الآباء بطبيعة الحال عن حلول لذلك، وأقترح إعادة النظر بالمناهج والكراسات أولًا التي يدرسها المعلم في جامعته حيث لا بد من وضع جانب عملي كبير وكم هائل من الأفكار الإبداعية حيث من الصعب على المعلم القيام بهذا الجهد وحده مع ضيق الوقت الذي تحدده المناهج المغلقة، ثم تطوير تلك المناهج التي تكون بين يدي الطالب وهي العامل الأساسي في تطوير شخصيته، وجعل دور المدارس أكثر إيجابية على تفكير الطفل ونحن لا ننكر الدور الإيجابي لها من حيث إضافة المعرفة لكن لا بد من تعديل الخبرات السابقة للطفل كما ذكرنا سابقًا حتى يكتمل الدور بإيجابية.