سلسلة الحمية الكيتونية وعلاج السرطان ج3
تعتمد خلايا المخ على الجلوكوز كمصدر من مصادر الطاقة، إلا أن الجلوكوز يمثل مصدر الطاقة الوحيد لبعض أنواع من الخلايا كخلايا كرات الدم الحمراء، والتي تحتاج إلى الجلوكوز لتظل على قيد الحياة. ولأن وجود الجلوكوز أمر حتمي لاستمرار الحياة، فإن العديد من عمليات التمثيل الغذائي تتدخل لتضمن ثبات مستوى سكر الجلوكوز بالدم وفق معدلاته الطبيعية لمد الجسم بما يحتاجه منه.
ويعتبر الإنسولين هو الهرمون الأساسي المسؤول عن عملية تنظيم مستوى الجلوكوز بالجسم، وتقوم بعض الخلايا البنكرياسية بإفراز هذا الهرمون في حالة ارتفاع مستوى الجلوكوز، والذي ينشأ نتيجة لتناول أطعمة ذات محتوى عالٍ من الكربوهيدرات. وتنحصر وظيفة الإنسولين في دفع سكر الدم داخل الخلايا، حيث يتم تكسيره لإنتاج الطاقة اللازمة للقيام بوظائفها الحيوية. ويستمر الأمر على هذه الوتيرة لعدة ساعات، حتى يقوم الإنسولين بدوره في خفض مستوى السكر بالدم ليصل إلى معدلاته الطبيعية. وفي حالة تأخير موعد وجبة الطعام التالية، يقوم هرمون آخر يسمى الجلوكاجون بتنشيط خلايا الكبد وحثها على تحويل الجليكوجين المختزن فيها إلى جلوكوز، وقد تقوم خلايا الكبد بتصنيع الجلوكوز من جزيئات أخرى بديلة.
فحين نأكل كميات كبيرة من الكربوهيدرات يقوم الجهاز الهضمي بتكسيرها إلى سكر جلوكوز، فكلما ارتفعت نسبة سكر الجلوكوز، يقوم البنكرياس بإفراز الإنسولين ودفعه إلى مجرى الدم. وكلما زادت نسبة الإنسولين في مجرى الدم أدى ذلك إلى زيادة دفع مزيد من الجلوكوز إلى الدخول بالخلايا. هذا الكم الهائل من الجلوكوز الموجود داخل الخلايا يعطي للخلايا السرطانية ميزة إضافية لنموها أكثر وأكثر، لذا فخفض مستوى الجلوكوز والإنسولين بمجرى الدم يمثل أولوية قصوى.
لذا ينبغي تنظيم مستويات الجلوكوز والإنسولين بالدم بصورة جزئية من خلال متابعة نوعية وكمية الطعام الذي نتناوله، ويتكون الطعام عموما من المغذيات الكبرى والتي تشمل : الدهون، الكربوهيدرات، والبروتينات. وبناء على عملية الهضم فإن كل نوع من هذه المغذيات لها تأثير مختلف على مستوى الجلوكوز والإنسولين بالدم. فالدهون ذات تأثير يكاد يكون منعدم على مستوى الجلوكوز وبالتالي الإنسولين، في حين تكون البروتينات ذات تأثير متوسط، أما المشكلة الكبرى فتتلخص في الكربوهيدرات والتي تكون ذات تأثير كبير على رفع مستوى سكر الجلوكوز بالدم فضلا عن الأنسولين.
وتهدف الحمية الكيتونية بشكل عام إلى زيادة معدل تناول الدهون، والتقنين من البروتينات للحد الذي يكفي لإصلاح وتجديد الخلايا، علاوة على منع تناول الكربوهيدرات قدر الإمكان. فعند الإلتزام بتلك المبادئ الثلاثة، تظل مستويات الجلوكوز والإنسولين بالدم منخفضة وفي حالة ثبات، في حين يزداد معدل تكوين الأجسام الكيتونية. هذه الحالة الأيضية والتي تتضمن ارتفاع نسبة الأجسام الكيتونية المقرونة بإنخفاض مستويات الجلوكوز والإنسولين بالدم تسمى بالكيتوزية الغذائية، وهذا ما نهدف إليه. فالوصول إلى حالة الكيتوزية الغذائية ثم الثبات عليها هو ما يخلق حالة أيضية غير مناسبة للخلايا السرطانية.
د. رامي شهاب الدين