تدخل الجد والجدة في تربية الأحفاد
يشكل وجود الجد والجدة في المجتمع العربي عامل استقرار للأسرة ورمزاً لترابط أفرادها وامتدادا للعائلة وصونا لوحدتها. وإلى سنوات قريبة كانت الفتاة في بعض المجتمعات العربية تترك قبل بلوغها سن الرشد تحت الرعاية الكاملة لجدتها الى ان تصل الى سن الزواج بقصد ان تكتسب شيئا من خبرات الجدة المحنكة، ولكن لا يبدو في الوقت الراهن ان كل الاراء ترحب بانفراد الجدة بتربية الأطفال خاصة عندما لا تكون مهيأة للقيام بهذه المهمة خوفاً من الطريقة التي تتبعها، والتي قد يظن البعض أنها تفسد من صلابة الأبناء عند مواجهتهم للحياة العصرية.
فالمشكلة تبدأ حين يتجاوز دور الجدة أو الجد الحب والرعاية ورواية الحكايات الفولكلورية التي تكسبه موروثاً ثقافياً غنياً، إلى التدليل المبالغ فيه، والسكوت عن أخطائه الفادحة. وقد يكون السبب الخوف على الطفل من العقاب، لمعرفتهم بقسوة الأب واحتمال تعرضه للضرب مثلاً، أو فقط من باب الرغبة في الحفاظ على محبته مهما كلف الأمر حتى يقبل على زيارتهما دائماً والبقاء معهما أطول فترة ممكنة. بعبارة أخرى، فالمحبة الزائدة قد تكون رشوة عاطفية، قد لا يعيها الأجداد لكنهم يفسرون تصرفاتهم أنها تنطلق من شعورهم بأن "أعز من الولد ولد الولد".
الدكتور مصطفى العاني الاختصاصي في تربية الاسرة والطب العام مقتنع ان وجود الجد والجدة في وسط أحفادهما أفضل من عدم وجودهما، حتى لو كان الطفل يعيش مع والديه حياة مستقرة، وفي جو خال من المشاكل والصدامات، لان وجودهما، حسب رأيه، يساهم في أحداث المزيد من التوازن النفسي لدى الطفل، لأنه يشعر أنه نتاج تسلسل طبيعي في عائلته. كما ان وجود الجد والجدة قد يخفف على الطفل اثر قسوة أحد الوالدين (حين يكون احد الوالدين أو كلاهما صارماً مع أبنائه إلى حد القسوة)، وبالتالي فهم يجدون عند الجد أو الجدة الملاذ العاطفي الذي يحتمون به من العقاب. إلا أنه لا ينفي أنه في المقابل قد يكون لتربية الجد والجدة تأثير سلبي على أحفادهما اذا هما أسرفا في تدليلهم، أو يصابون بصدمة نفسية اذا افتقداهما فجأة.
ويوجه العاني نصائح عامة الى الاسر فيما يتعلق بتربية الأبناء من طرف الجد والجدة، حيث يرى ألا يفرطا في حنانهما ومراقبة سلوكهم عندما يلجأون اليهما هرباً من الاباء، فقد يكون الدافع هو مجرد عناد أو السير نحو ارتكاب اخطاء في حياتهم.
- تجب مصارحة الأباء بأخطاء الأحفاد، ومناقشة بعض تصرفاتهم التي قد تتطور إلى ما هو أسوأ، وعلى الأباء أن يشرحوا للجد أو الجدة، بطريقة هادئة، أن التدليل الزائد سيعلم الأحفاد المراوغة في التعامل، والبحث دائما عن طرق سهلة وملتوية.
ـ لا يجب ان يسرف الاباء والأمهات في معاقبة ابنائهم حتى لا يكون ذلك مدعاة لهروبهم وبحثهم عن بديل، كما لا ينصح بمعاقبتهم أو نهرهم أمام الأجداد. فبالإضافة إلى كون هذان الأخيران يتضايقان من الأمر، فإنهما قد يتدخلان لصالح الحفيد، مما قد ينتج عنه نقاش حاد بين الجميع والمزيد من التوتر على الأم أو الأب أن يحسنا التعامل مع والديهما أمام أبنائهما، ومناقشتها بطريقة هادئة وشفافة، لأن أسلوبهما هذا سينقل إلى أبنائهما فيما بعد.
ـ لا بأس من تدليل الجد أو الجدة للحفيد على شرط ألا يزيد عن الحد، ولا يتعارض مع القواعد والأسس التي يضعها الأهل لتربية أبنائهم، حتى يكون هناك توازن في الأدوار.