الأطفال والصيام
لا يكلف الأطفال بالصيام إلا بعد البلوغ وما يصومه الطفل قبل البلوغ يعد تربية إيمانية له. وهنا نجد هذا التساؤل: هل من الأفضل عدم صيام الطفل حتى سن البلوغ أم من الأفضل الصيام قبلها؟
وفي كثير من الأوقات يفرض الأطفال بأنفسهم إجابة لهذا السؤال فهم دائما يحبون تقليد الكبار، وبالتالي فهم يريدون الصيام حتى يشعروا أنهم كبار.
وكما تهتم كل أم بما يحافظ على صحة طفلها، فهي تهتم أيضا ببنائه العقلي والنفسي وسلوكه التربوي، وتتمنى أن يعرف طفلها دينه ويطبق تعاليمه، ولذلك يجب أن تستغل الأم تلك الفطرة التي تحرك طفلها في كونه يريد أن يتشبه بالكبار، لأن الصيام في تلك الفترة لا يكون صعب على نفسه لأنه ليس فرض عليه، فالنفس البشرية تستثقل الأمر وخاصة الأطفال الذين يريدون الحرية في كل شيء، ولكن متى وكيف يمكن أن تسمحي لطفلك بالصيام؟ وما تأثير الصيام على صحته ونفسيته وسلوكه التربوية؟
متى يصوم طفلي؟
يعتبر سن السابعة سن مناسب ليبدأ طفلك في التعود على الصيام ويجب أن يكون الصيام تدريجيا حتى يتعود جسم الطفل، عليه حتى إذا سار في سن العاشرة كان سنه مناسباً، وقد استعد جسمه لصيام أيام كثيرة حتى المغرب.
وهناك طريقتان يمكن أن تدرج بهما الأم صيام طفلها فيما يتناسب معه:
- فإما أن يأكل الطفل مع الأسرة في وجبة السحور ويصوم عدة أيام حتى الظهر وأخرى حتى العصر.
- أو يتم تأخير وجبة إفطار الطفل صباحا عدة ساعات ويصوم مع الأسرة إلى آذان المغرب.
صحة طفلك في الصيام
عزيزتي الأم إن سمحت لطفلك بالصيام فيجب أن تنتبهي لصحته، ومن أهم تلك الأشياء التي تساعد طفلك على الصيام بصحة جيدة التزام سنة رسولنا الكريم، وهي تأخير السحور حتى تقصر المدة الزمنية التي يصومها الطفل ويمتنع فيها عن تناول المشروبات والتي هي ضرورية لحمايته من الجفاف أو انخفاض معدل السكر في دمه.
ومن المناسب أن يفطر الطفل على تمرة كما في السنة النبوية، وبالطبع من الأفضل أن يبدأ طعامه بشوربة دافئة، وعدم تناول المياه المثلجة فقد يسبب له ذلك اضطراب في الجهاز الهضمي. ويجب أن تحرصي على أن يكون غذاء الإفطار متوازنا وأن يحصل الطفل على السعرات الحرارية اللازمة له، وأن تحتوي وجبة الإفطار على البروتينات مثل (اللحوم والدواجن) التي تساعد على بناء الأنسجة الجديدة وتعويض ما ينهدم منها، إلى جانب الخضراوات والفاكهة والنشويات (كالخبز والأرز والمكرونة) وقليل من الدهون.
ويجب أن تكون وجبة السحور مشبعة وأن تحتوي على البروتينات والسكريات والدهون مثل: البيض، والفول، والزبادي، والخضراوات، والفاكهة.
ومن الأفضل أن يتناول الطفل فيما بين السحور والإفطار العصائر لتعويض جسم الطفل ما فقده خلال اليوم.
وكذلك يجب على الأم مراقبة طفلها أثناء صومه، فإذا شعرت بأنه مرهق ولا يستطيع أن يتحمل الصيام فيجب عليها أن تسارع بإفطاره.
ويذكر أن هناك بعض الأمراض تمنع الطفل من الصيام وخاصة أمراض الكلى لاحتياج الطفل الدائم للسوائل، وكذلك أمراض السكري والسل، والأنيميا، وقرحة المعدة وغيرها من الأمراض التي يشير إليها الطبيب المختص.
وحتى لا تفتر عزيمة الطفل ويتسلل إليه الشيطان في عدم الصيام أو الكذب بشأن صيامه يجب ألا تترك الأم مهمة التشجيع على الصيام فقط لرغبة طفلها على تقليد الكبار، وإنما يجب أن تكون عونا له وتدعمه بأن:
- تحفز طفلها علي الصيام بطريقة عملية بإعطائه مكافأة عن كل يوم يصومه، ولا يجب أن ترتبط المكافأة بالشكل المادي فقط فيمكن التنويع ما بين لعبة وكتاب للقراءة والخروج في نزهه.
- الإكثار من الثناء عليه حين يصوم أمام الأسرة فذلك يكسبه الثقة بنفسه..
- عدم وضع الحلويات والطعام المفضل للطفل أمامه قبل الإفطار حتى لا تضعف عزيمته.
- إشاعة جو ديني بالإكثار من قراءة القرآن وصلاة التراويح في المسجد وصلاة الجماعة في المنزل.
- وإطفاء البهجة في المنزل فيمكنك وأطفالك تزيين المنزل قبل رمضان أو وضع فانوس رمضان على مائدة الإفطار حتى يشعر الطفل بأن هذا الشهر مختلف عن غيره من الأشهر.
- الصيام يعلم الأطفال الصبر ويقوي إرادتهم ويعلمهم التحكم في النفس والشهوات، مما يخلق نفساً قادرة على التحمل والإنتاج وليس واجبا ًدينياً فقط، فلنهتم بما يفيد أطفالنا في دينهم ودنيتهم.
دعاء علي كمال